خير الورى ونور الهدى
يحتفل
المسلمون في هذه الأيام المباركة بذكرى حبيبة إلى نفوسهم، عزيزة على قلوبهم، إنها ذكرى
ميلاد الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير، سيدنا محمد– صلى الله عليه وسلم– الذي أرسله ربه
رحمة للعالمين كما في قوله تعالى: )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (سورة
الأنبياء الآية 107)، وهذا ما شهد به الأعداء قبل الأصدقاء.
لقد جاء نبينا– صلى الله
عليه وسلم– إلى البشرية فحدد لها طريق الحق، وقادها نحو الخير، بنظام شرعه الله سبحانه وتعالى، فكان– عليه
الصلاة والسلام– أسوة حسنة
وقدوة صالحة لأتباعه، حيث دعا الناس للعبادة فكان أعبد الناس، ودعاهم إلى مكارم
الأخلاق فكان أسمى الناس– صلى الله عليه وسلم– حيث وصفه ربه {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (سورة القلم الآية
4)، وقد كان كذلك لقوله– عليه الصلاة والسلام-: ( أدبني ربي فأحسن تأديبي)،
أما زوجه عائشة– رضي الله
عنها–، فقد أثر عنها قولها: (كان خلقه القرآن).
لقد
كان ميلاده–
عليه الصلاة والسلام– ميلاد أمة، حيث جاء– عليه الصلاة والسلام– على أمة ممزقة مبعثرة تعبد الحجر والشجر، فجعلهم قادة
للبشر، وكانت ترعى الغنم فصارت قادة للأمم، كان زعيمهم وقتئذ يأتي على سيده من
الأكاسرة أو القياصرة يقف بين يديه ذليلاً ليقول له: عبدك النعمان ماثل
بين يديك، فأخذ بأيديهم من الذلة إلى العزة ومن الضعف إلى القوة، ومن التفرق والشتات إلى الوحدة والقوة، وكما
قال ربعي بن عامر – رضي الله عنه -: (لقد جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور
الأديان إلى عدل وسماحة الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة)،
فأصبحت هذه الأمة ذات شأن ومكانة في العالم أجمع، حيث اتصفت هذه الأمة
بميزتين:
الأولى: الخيرية: كما ورد في قوله تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ)
(سورة آل عمران الآية 110)
الثانية:
الوسطية: كما في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء
عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (سورة البقرة
الآية 143).