الأمة : يقول المفكر القومي العربي ساطع الحصري، (اللغة روح الأمة وحياتها والتاريخ بمثابة شعورها وذاكرتها )
مقدمة : لقد إهتم الباحثون بالدراسة في البحث عنعوامل أو مقومات نشوء الأمم فالبعض أرجع وجود الأمة أو القومية الى عنصرمعين كانتماء الأفراد لبعضهم البعض لشعورهم بالقرابة الروحية فرينانالمفكر الفرنسي يرى أن الصفة المميزة للأمة وجودها في الآن نفسه هي الصفةالروحية فهي كما يقول {مجموعة من البشر يجمعهم وعي خاص وشعور بانتماءأعضائها بعضه لبعض} فكان لهذا القول أنما يربط الأفراد بعضهم ببعض هوإحساس وشعور بالقرابة الروحية حيث يشعر كل غفرد من أفراد هذه الأمةبانتمائه الى أمته مما يحفزه ويدفعه الى العمل والتضامن معها قصد بلوغغاية سامية ومشتركة ألا وهي المصلحة العليا للأمة أما البعض الآخر يرى أننشوء الأمم يرجع الى جملة من العناصر أو المقومات كالإقليم والدين واللغةوحدة العرق وحدة الحياة الاقتصادية وحدة الماضي والمصير المشترك والمفكرالعربي صاطع الحصري يرجع أصل وجود ونشوء الأمم والقوميات الى عنصرين اثنينيلخصهما في العبارات التالية اللغة روح الأمة وحيتها والتاريخ بمثابةشعورها فالنحلل هذه العبارة بشرط أن نبحث عن موطن الضعف والقوة فيها لاريبأن اللغى تلعب دورا فعالا في حياة الأفراد والجماعات وهي إحدى الدعائمالأساسية في الترابط والتلاخم الاجتماعي بين الأفراد فإذا كان القدماء قدعرفوا أن الإنسان حيوان اجتماعي فإنهم قد عرفوه بأنه حيوان ناطق الأمرالذي يتجلى من ورائه ارتباط اجتماعي للإنسان بخاصيته الأساسية وهي النطقأو اللغة ونحن إذا اما بحثلنا عن أهمية اللغة في توطيد وتلاحم وترابطالعلاقات بين الأفراد والمجتمعات نجدها عديدة ومختلفة منها أن اللغة أداةتفاهم وتخاطب واتصال وتواصل وأن اللغة أيضا ظاهرة اجتماعية على أساس أنهاتتصف بخصائص الظاهرة الاجتماعية فمثلا أن أفراد المجتمع العربي ملزمونبالتكلم لغة واحدة وكذلك لا يمكن أن نتصور أمة من دون لغة وفي هذا المعنىيقول فيخت (إن الفوارق بين أهال روسيا وبين سائر الألمان ما هي إلا فوارقعارضة وسطحية ناتجة عن الأحداث الاعتباطية وأما الفوارق التي تميز الألمانعن سائر الشعوب الأوربية قائمة على طبيعة فاللغة التي يشترك فيها جميعالألمان تميزهم عن جميع الأمم الأخرى تمييزا جوهريا ) كما أن اللغة في حدذاتها تتضمن كما يقول هردر (على كل ذخائر الفكر والتقاليد والتاريخوالفلسفة والدين وفيها ينبض كل قلب شعب ويتحرك كل روحه ومن انتزاع من هذاالشعب لغته أو التقصير في احترامها حرمه من ثروته الوحيدة التي البلى )هذا ما دفع المفكر العربي ساطع الحصري بأن اللغة روح الأمة وحياتها أمااعتبار اللغة في نظره بمثابة شعور الأمة وذاكرتها يستند على أسس منها : أناللغة أداة نقل تراث الماضي إلى الحاضر كنقل تراث الأجداد إلى الأبناءفالإنسان يحيى بها حياة اجتماعية وعن طريقها يتجاوز حدود المكان والزمانفيتصل بالناس اتصالا مباشرا كما يتصل معهم اتصالا لا مباشر لأن اللغة سمحتللأجيال بنقل تجاربها وخبراتها للذين يأتون بعدهم وكذلك النظر إلى التاريخكذكريات مشتركة توحد مشاعر وأحاسيس الأفراد وتأجج عواطفهم الوطنية وشعورهمالقومي فالتاريخ بالنسبة لأفراد الأمة جزء من حياتهم حيث يخلق لديهمالشعور بالوحدة وعلى أساس أن التاريخ لا يعتبر في نظرهم مجرد تسجيلللحوادث بل هو وسيلة للكشف عن حاضرهم قصد بناء مستقبلهم أو ما يمكن أنيكون عليه مستقبلهم يقول ساطع الحصري ( التاريخ هو بمثابة شعور الأموذاكرتها فغن أمة من الأمم إنما تشعر بذاتها وتتعرف الى شخصيتها بواسطةتاريخها الخاص) ويقول أيضا (إن الذكريات التاريخية تقرب النفوس وتوجدبينها نوعا من القرابة المعنوية والأمة المحكومة التي تنسى تاريخها الخاصتكون قد فقد شعورها ووعيها وهذا الشعور وهذا الوعي لا يعود إليها إلاعندما تتذكر ذلك التاريخ وتعود إليه ) وإذا فلا يمكن فصل حاضر الأمة عنماضيها مثلما لا يمكن فصل ذكريات الشخص عن واقعه الآني أو الراهن فحاضرالأمة مرتبط بماضيها وحاضر الإنسان أسير بماضيه فالتاريخ في أبعاده الثلاثماض وحاضر ومستقبل هو في الحقيقة الديمومة الخاصة للحياة الشعورية للأمةوكيانها الروحي والوجداني وإن كان المفكر ساطع الحصري يرى بأن اللغةوالتاريخ يلعبان دورا في نشوء الأمم والقوميات ونحن بدورنا نؤيد هذا الرأيولكن لا يجعلنا نغفل المقومتا الأخرى مثل الدين و الإقليم والعاداتوالتقاليد.....آلخ فهذه المقومات برمتها تلعب دروا أساسي من بينها ما يلعبدروا أكثر أهمية من دور اللغة والتاريخ فسكان سويسرا مثلا يتحدثون بعدةلغات ومع ذلك فهم يشكلون أمة من أرقى أمم الأرض ....... وما يقال عن اللغةيقال عن التاريخ لأن التاريخ في تقلب دائم منذ العصور القديمة الى العصرالحاضر شهدت كثير من الأمم تقلبات في تاريخ وهذا ما يجعلنا نقول أنه منالصعب جدا على أمتنا أن تحتفظ منذ القدم بوحدة تاريخها واستقلالها
خاتمة : في الأخير يمكن أن نقول الأمة كائن حيينموا ويتطور ويتشكل هيكله باستمرار فقد يلعب هذا العنصر أو ذاك في النوموالتطور والتشكل في ظروف معينة فقد يلعب نفس هذا الدول في ظروف مختلفةولكلك فإنه من الخطأ الجسيم القول بأن عنصر واحد هو وحده الذي كان العاملالفعال والأساسي في وجود تشكيل الأمم وصيانة وحدتها في كل زمان وفي كلمكان فالأمة كظاهر معقدة التركيب مثلها مثل جميع الظواهر الاجتماعية لأنهاتخضع لجملة من العوامل أو العناصر التي يتم بواسطتها تفسير نشوء الأمةووجودها وهذه المقومات يختلف تأثير كل منهما باختلاف الزمان والمكان(الأرض) والإنسان وهي المعادلة الموضوعية التي تفسر بها وجود الأمة [b][b].[/b][/b]