الحقوق المدنية
مصطلح يعني، الحريات والحقوق التي يتمتع بها الفرد بصفته مواطنًا في مجتمع
أو ولاية أو دولة. وتشمل هذه الحقوق حرية التعبير وحرية الصحافة والعقيدة
وحرية التملك. أما المسلم فليس له أن يغير دينه لقوله ص (من بدل دينه فاقتلوه)
أخرجه البخاري وأحمد والنسائي وأبو داود وابن ماجة والترمذي عن ابن عباس
رضي الله عنه. كما تنطوي هذه الحقوق على حق الفرد في التساوي مع الآخرين،
سواء أكانوا أشخاصًا، أم مجموعات، خاصة أمام الحكومة. يسبغ القانون والعرف
في الأنظمة الديمقراطية الغربية حماية للحقوق المدنية. وتشتمل دساتير معظم
الدول تلك على وثائق تختص بحقوق المواطنين المدنية التي تبين الحريات
الأساسية والحقوق. وتفصل المحاكم حدود الحقوق المدنية، لكي لا يتعدى
الأفراد على حريات الآخرين. وتزعم الحكومات المستبدة عادة أنها تحترم هذه
الحقوق، ولكن هناك فجوة بين القول والفعل في هذا الصدد. ففي الدول
الشيوعية، على سبيل المثال، يُحرم المواطنون من حقوقهم الأساسية، كحرية
التعبير وحرية الصحافة، رغم أن دساتير هذه الدول تكفل هذه الحقوق. يضع بعض
الناس حدودًا فاصلة بين مفهومي الحريات المدنية، والحقوق المدنية.
وَيرى هؤلاء، أن الحريات المدنية تشكل الضمان ضد التدخل الحكومي. أما
الحقوق المدنية فهي تعبر عن ضمانات لتحقيق العدل والمساواة بين المواطنين.
فعلى سبيل المثال، تشمل الحريات المدنية، كفالة حق المواطنين في التعبير من
غير تدخل حكومي. أما الحقوق المدنية، فتنطوي على حق المواطنين في
المساواة، والحماية أمام القانون. كما يعني مفهوم الحقوق المدنية في سياق
آخر وضع الأقليات، وأسلوب معاملتها داخل المجتمع. أما في هذه المقالة، فيشتمل مصطلح الحقوق المدنية على كل من الحريات المدنية والحقوق المدنية.حدود
الحقوق المدنية. تسود عدة ضوابط للحقوق المدنية في النظم الديمقراطية. فقد
يحرم الفرد من إبداء رأيه إذا كان مثل هذا الفعل يؤدي إلى تقويض الحياة
الاجتماعية. كما لا يمكن السماح بالحقوق المدنية لتبرير عمل يمكن أن يلحق
الضرر بالصحة العامة، أو يهدد الأمن والرفاهية والأخلاق في المجتمع.
ولا يمكن السماح باستخدام هذه الحقوق لانتهاك حقوق الآخرين. فحرية
التعبير، على سبيل المثال، لا يمكن أن تعني حق التشهير بالآخرين. وتبيح
حرية التملك التي ينص عليها القانون للملاك حق التصرف في ممتلكاتهم، ولكن
القانون لا يسمح للملاك بعدم بيع ممتلكاتهم للآخرين بسبب انتمائهم العرقي
أو الديني، لأن هذا يعني انتهاكًا صارخًا لحق حرية الاختيار الذي ينص عليه
القانون.
أمثلة للحقوق المدنية. تنطوي الحقوق المدنية على حق حماية
الأفراد من الاعتقال من غير مبررات تستند على القانون. وكذلك الحق في
المحاكمة أمام هيئة محلفين وضمان عدم المحاكمة مرتين بنفس التهمة، إضافة
لذلك لا يسمح القانون باحتجاز أو تفتيش الأشخاص أو ممتلكاتهم عن طريق
الخطأ. كما لايجوز تطبيق عقوبات قاسية أو غير عادية إلا ما ينص عليه
القانون. تسبغ هذه الحقوق حماية للأقليات ضد التمييز، كما تكفل الحق في
المساواة لكل المواطنين بغض النظر عن العرق والجنس والدين والعُمر والعجز
الجسدي. تسود القوانين التي تكفل مثل هذه الحقوق في الكثير من أصقاع
المعمورة. ولكن رغم هذه الضمانات، يشكل التمييز العِرقي والديني جزءًا من
سياسات بعض الحكومات إزاء الأقليات. ويستهدف الحق في تشكيل النقابات حماية
العمال من استغلال أصحاب العمل. وفي هذا الإطار، يكافح العمال من أجل حقهم
في التنظيم لتحسين الأجور والقيام بإضرابات.
الحملات من أجل تحقيق
الحقوق المدنية. كانت حملات الحقوق المدنية التي قادها الأمريكيون السود في
القرن التاسع عشر، أشد وأقوى الحملات في الولايات المتحدة التي استهدفت
تحقيق حق المساواة مع الآخرين. وقد استمرت هذه الحملات خلال القرن العشرين
وتمخضت عنها حركة احتجاج كبرى في الخمسينيات والستينيات،
وقد نجم عن حركة الحقوق المدنية إصدار قانون ينهي التفرقة العنصرية ضد
الأمريكيين المنحدرين من أصول إفريقية.وقد تمت صياغة قوانين ضد التفرقة
العنصرية في عدد من البلاد منذ سبعينيات القرن العشرين، مما ترتب عليه
انطلاق الحقوق المدنية من الدفاع إلى الهجوم لمواجهة ممارسات التمييز
السابقة. ويمكن القول في هذا الصدد بإمكانية إصدار قوانين تشجع فتح العديد
من فرص العمل للشرائح الهامشية في المجتمع، أو تقديم مساعدات في مجال التعليم.
ويمكن أن تثير مثل هذه القوانين بعض القضايا المتعلقة بالحقوق المدنية، إذ
يمكن للبيض من الأمريكيين رفع دعوى ضد التمييز لأن الأسبقية في التوظيف قد
أعطيت للرجال والنساء من الأمريكيين السود. كما يمكن أن تطالب بعض الطوائف
الدينية بمدارس خاصة بهم، أو بفصل الجنسين أثناء تلقي الدروس، مما يتعارض
مع مساعي الآخرين الذين يشجعون التعليم المختلط لجميع الأطفال بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والدينية.
تطور الحقوق المدنية
القانون
الطبيعي. تعود فكرة وجود حقوق معينة للأفراد والتي لا يمكن انتزاعها، أو
التنازل عنها إلى آلاف السنين. وقد عكست هذه الفكرة نظرية القانون الطبيعي.
وتنطلق هذه النظرية من وجود تنظيم طبيعي في الكون استمدت منه معظم الأشياء
والكائنات وجودها كما خلقها الله سبحانه وتعالى. وتتسم كل هذه المخلوقات
بخصائص معينة، وتخضع لقوانين الطبيعة والكون لكي تحقق ذاتها. انطلاقًا من
هذه النظرية، فكل انتهاك لكرامة البشر، أو وضع عراقيل تحول دون تحقيق
غاياتهم، يُعدُّ انتهاكًا لقوانين الطبيعة. وقد تبنَّى فلاسفة الإغريق
وكُتَّاب العهد القديم فكرة وجود قانون أسمى من القوانين الإنسانية. وقد
أكد الفيلسوف الروماني شيشرون في القرن الأول بعد الميلاد في كتاباته على
سمو القانون الطبيعي، وإمكانية كشفه واستنتاجه من خلال العقل. وقد انبثق من
فكرة القانون الطبيعي الاعتقاد بوجود قيود على السلطة الحكومية، الأمر
الذي يلزم الأفراد والسلطة بالخضوع لهذا القانون. وترتكز أعرق الوثائق
القانونية البريطانية التاريخية على مبادئ القانون الطبيعي. ومن أشهر وأقدم
هذه الوثائق وثيقة العهد الأعظم (الماجناكرتا) التي صادق
عليها الملك عام 1215م، رغم اعتراضه على بنودها. وقد تمخض عن هذه الوثيقة
خضوع الحكومة للقانون. وأصدر البرلمان الإنجليزي عام 1628م وثيقة تتعلق
بحقوق وحريات الشعب. وتنص هذه الوثيقة على عدم دستورية بعض الممارسات التي
تقوم بها الدولة، مثل جباية الضرائب من غير تصديق البرلمان. الحقوق
الطبيعية. انصبَّ محور اهتمام الحقوق الطبيعية على التأكيد على الواجبات
أكثر من التأكيد على حقوق الحكومة والأفراد. وقد طرأ تحول كبير في أواخر
القرن السابع عشر على تقاليد توجه هذا القانون الذي أخذ يؤكد على الحقوق
الطبيعية. وقد كان لكتابات الفيلسوف الإنجليزي جون لوك أثر كبير على هذا
التحول. بيَّن لوك أن الأسس التي تتركز عليها السلطة الحكومية تنطلق من
فكرة القبول والرضى الشعبي. وطبقًا لهذه النظرية، فقد كان الناس في حالة
الفطرة يعيشون من غير قيود على حرياتهم. غير أنهم أدركوا أن ثمة فوضى يمكن
أن تدب في المجتمع إذا حاول كل فرد أن يفرض
إرادته على الآخرين. وللخروج من هذا المأزق، اتفق الناس على أن يسلموا
أمورهم لحكومة يرتضونها. ويناط بهذه الحكومة حماية هذه الحقوق خصوصًا حق
الحياة وحق الحرية وحق الملكية. أصبحت أفكار لوك المتعلقة بتقييد سلطة
الحكومة، مدرجة في صلب عدد من وثائق الحقوق المدنية في بريطانيا عام 1689م،
وفي وثيقة حقوق الإنسان الأمريكية في عام 1791م وفي إعلان حقوق الإنسان
الفرنسية عام 1789م.
الحقوق المدنية المعاصرة. كفلت جميع دساتير
الدول الغربية في أوروبا الحقوق المدنية. وتشمل قائمة هذه الدول فرنسا
وبريطانيا وسويسرا والدول الإسكندينافية. إضافة لهذه الدول، تضمن دساتير
عدد من الدول الأخرى، مثل أستراليا ونيوزيلندا وكندا والولايات المتحدة،
الحريات الشخصية. وتبنت دساتير الأمم الإفريقية والآسيوية كفالة الحقوق
المدنية الأساسية. وأدى عدم الاستقرار السياسي في بعض هذه البلاد وضعف
خبرات هذه الحكومات بالإدارة الذاتية إلى انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان،
تمثلت في الاعتقالات السياسية وحرمان المواطنين من حقوقهم المدنية. وتكثر
انتهاكات حقوق الإنسان في أمريكا اللاتينية وفي الدول الشيوعية، رغم أن
دساتيرها تكفل الحقوق الأساسية والحريات التي يندر تطبيقها. ويمكن
الاستشهاد في هذا السياق بكفالة الدستور الصيني لحق التصويت وحق التعبير
وحرية الصحافة وحق التجمع. وتتضح الفجوة بين القول والفعل في احتكار الحزب
للسلطة التي تسيطر على كافة وسائل الإعلام. ويترتب على هذا الوضع إمكان
معاقبة المواطنين الصينيين إذا أبدوا أي انتقاد علني للحزب. وقد تبنت الأمم
المتحدة عام 1948م وثيقة حقوق الإنسان. وتنص هذه الوثيقة، على أن جميع
البشر قد ولدوا أحرارًا، وأنهم متساوون في الكرامة والحقوق. ويعتقد
الكثيرون من فقهاء القانون الدولي بأن هذا الإعلان لا تسنده سلطة قانونية
إلا أنه يتسم بسلطة أخلاقية.