إن
الإنسان فضولي بطبعه ويحب اكتشاف العالم الذي يحيط به والتكيف مع العالم
الخارجي ولتحقيق هذا الأخير لابد أن يقوم بجملة من السلوكات وهذه السلوكات
يمكن أن تكون اعتيادية أي العادة ومنها ماهو إرادي فإذا كانت الأولى تعرف
بكونها سلوك مكتسب هدفه أداء العمل بطريقة آلية مع السرعة والدقة والاقتصاد
في الجهد أما الإرادة فهي القصد إلى الفعل أو الترك مع وعي الأسباب
الواعية فإذا كانت هذه الإرادة وتلك العادة فما هي أوجه الاتفاق والاختلاف
بينهما و
ما طبيعة العلاقة بينهما ؟
1ـ مواطن الاتفاق :ـــ
كلاهما وظيفة نفسية يعيشها الإنسان : وهذا يعني أنهما من الوظائف النفسية
التي نجدها عند الإنسان كالإرادة والتخيل والتذكر بحيث نراه يستعملها
لمواجهة مشاكل الحياة والتكيف مع الواقع .
ــــ كلاهما يؤثر في
السلوك الإنساني : لأنهما عبارة عن أفعال سواء كانت اعتيادية أو إرادية
يستعين يهما الإنسان في حياته اليومية مثال ذلك التلميذ لكي يواجه حياته
الدراسية يعتمد على نوعين من الافتعال فهو يستعين بالسلوك التعودي والفعل
الإرادي وبالتالي فكلاهما تساهم في عوامل نفسية فالعادة تتدخل تتدخل في
تكوينها الميول والرغبات والوعي والانتباه كما أن الإرادة بدورها تتدخل
فيها الرغبات والوعي فهي شرط ضروري للأفعال الإرادة .
ــــ كلاهما
يهدف الى غاية واحدة وهي تحقيق تكيف الفرد مع المواقف التي تواجهه في حياته
اليومية من قبل المجتمع لان الإنسان اجتماعي بطبعه ويعيش داخل مجتمع .
على الرغم من اوجه التفاق الا ان هذا لا يمعن من وجود اوجه اختلاف بينهما .
2ـــ مواطن الاختلاف :
ـــ اذا نظرنا إلى العادة والإرادة من ناحية التعريف نلاحظ بانهما مختلفان لان هناك فوارق واضحة بينهما :
فالعادة
هي قدرة مكتسبة على اداء عمل ما بطريقة الية مع السرعة والدقة والاققتصاد
في والوقت وفي الجهد ونرى مثال على ذلك تعود سلوك التلميذ على الكتابة
وتتصف يعدة خصائص أهمها :
ـــ العادة سلوك الي لان الأفعال التعودية
خالية من الوعي والإرادة والانتباه بدليل ان التلميذ عندما يتعود على
كتابة فانه يقوم بهذا السلوك بطريقة آلية وميكانيكية بحيث لا يفكر في
الحروف والكلمات وأثناء الكتابة .
ــ اما الارادة بالتعريف فهي
القدرة على القيام بالفعل او الامتناع عنه مع وعي الأسباب مسبقا ويعرفها
الفيلسوف ابن رشد بقوله : هي قوة فيها إمكان فعل احد المتقابلين على
السواء. مثال ذلك اراداة التلميذ في الدراسة والنجاح وتتصف الرادة بعدة
خصائص أهمها :
ــــ الفعل الإرادي فعل تأملي واع لأنه يكون مصحوبا
بالتفكير العقلي والتأملي والوعي فالشخص الذي يريد شيئا يدرك ما يفعل
وبالتالي يشعر فعله .
ـــ كما ان الفعل الإرادي جديد ويتطلب جهدا
ووقتا لانه ينطوي على مراحل وهي : تصوير الغاية المرغوب فيها والمناقشة
والمداولة واتخاذ القرار ثم بعد كل ذلك القيام بالتفيذ .
على الرغم من أوجه الاختلاف القائمة بينهما إلا أن كل هذا لا يقف أمام وجود علاقة بينهما لان هناك تاثير متبادل بين السلوكيين :ـــ
فالإرادة تؤثر في العادة ولان الإرادة عامل من عوامل تكوين العادات فهي
المنبع الاصيل لكل فعل اعتيادي وهذا لان بداية أي فعل تعودي لا تتم إلا
بالإدراك والإرادة بدليل أن كل عمل ليست فيه ارادة يكون غير قابل للاكتساب
وبالتالي التعود عليه ..
ولكن هناك عادات أخرى اكتسبها المرء
بالإرادة مثل العادات التي اكتسبها العامل أو الكاتب ..... ان هذه العادات
لا نكاد نكتسبها حتى نستطيع أن نتصرف بها تصرفا إراديا بالنظر الى أن أصلها
إرادي ـــ
كما أن العادة بدورها تؤثر في الإرادة أي إن الفعل
الإرادي يحتاج الى السلوك التعودي لان هذا الاخير يسهل القيام بالأفعال
ويزيد في دقتها وسرعتها ويقلل من الأخطاء والجهد
كما ان كثيرا من
الاحيان تكون العادات القواعد الاجتماعية دافعا لتحرير الفرد بدليل ان بعض
الشخصيات البارزة في التاريخ كانت نتاجا لضغوطات اجتماعية ويقول المفكر
السابق ـــ الإرادة ليست قوية الا بفضل العادات التي تمكننا من تنفيذ ما
نريد تنفيذه آليا وهذا يعني ان فعاليتنا مؤلفة من افعال اعتيادية ـــ
ان
العلاقة بين العادة والارادة هي علاقة تكامل وترابط لان كلاهما يكمل الاخر
ولهذا فهما يرتبطان ارتباطا ضروريا فالسلوك التعودي يعتمد على الفعل
الارادي والارادة تعتمد على السلوك التعودي وبالتالي لا يمكن الفصل بينهما .
بناءا على ماتقدم أن الاختلاف الظاهر بين العادة و الإرادة لا ينبغي ان يحجب عنا التكامل الوظيفي بينهما.